في قلب القاهرة.. شباب المغرب يصنعون التاريخ ويقصون الفراعنة من نصف نهائي كأس إفريقيا تحت 20 سنة
في مشهد رياضي استثنائي احتضنته العاصمة المصرية القاهرة، حيث تنبض الحياة ليلا ونهارا وتشتعل المدرجات بأهازيج الشغف، استطاع المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة أن يدون سطرا ذهبيا جديدا في سجل الكرة المغربية، بعدما تمكن من إقصاء منتخب مصر العنيد من نصف نهائي كأس أمم إفريقيا تحت 20 سنة، بفوز مستحق بهدف نظيف حمل توقيع الإصرار والعزيمة.
تحت قيادة المدرب الوطني محمد وهبي، ظهر "أشبال الأطلس" بصورة قتالية ملهمة، أثبتوا خلالها أنهم لا يخشون الضغوط الجماهيرية ولا الرهانات الصعبة، حتى وإن كانت على أرض الخصم ووسط جماهيره المتحمسة. فقد بدا واضحا أن وهبي استطاع بث روح الانتصار في كتيبته، ليحافظ اللاعبون على تركيزهم الكامل منذ صافرة البداية وحتى لحظة الاحتفال التاريخي.
وفي تصريح لوسائل الإعلام عقب المباراة، لم يخف وهبي سعادته الغامرة، مشيرا إلى أن "السر الحقيقي وراء الفوز لم يكن فقط في الخطة أو المهارة، بل في روح الفريق، والانضباط التكتيكي، والقتال حتى آخر دقيقة". وأضاف بلهجة مفعمة بالفخر: "كنا تحت ضغط كبير، لكننا تغلبنا عليه بالشغف والانضباط... لقد لعب اللاعبون بروح لا تقهر، وكانوا على قدر المسؤولية في هذا الموعد المصيري".
إنه تأهل لم يكن عاديا، بل لحظة ملحمية تردد صداها في قلوب الجماهير المغربية التي تابعت اللقاء بأنفاس محبوسة، واحتفلت بعدها بأهازيج الانتصار، في مشهد يجسد الأمل في جيل كروي واعد قادر على إعادة الأمجاد ورفع الراية المغربية عاليا في المنافسات الإفريقية والدولية.
تحديات نفسية وفنية... لكن عزيمة "أشبال الأطلس" صنعت الفارق
لم تكن رحلة المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة نحو التألق في كأس أمم إفريقيا تحت 20 سنة مفروشة بالورود، بل كانت مليئة بالتحديات النفسية والفنية التي كادت تعصف بالأحلام لولا الصلابة الذهنية والقيادة الهادئة التي تحلى بها اللاعبون وجهازهم الفني. فقد اعترف المدرب الوطني محمد وهبي، في تصريحات صريحة، بأن القلق بدأ يتسلل إلى نفوس بعض اللاعبين، خصوصا بعد الأداء المتذبذب في دور المجموعات، حيث كانت مواجهة منتخب سيراليون من أبرز اللحظات التي اختبر فيها الفريق قدرته على الصمود.
لكن وهبي لم يكن من طينة من يستسلمون للظروف، فبحكمته المعهودة، أعاد شحن المجموعة بروح الإصرار والانضباط، مؤكدا أن مفاتيح الانتصار الحقيقي لا تكمن فقط في المهارة البدنية، بل في الإعداد الذهني والهدوء تحت الضغط. "العقل الهادئ هو من يصنع الانتصارات، والارتباك لا مكان له في مباريات الحسم"، بهذه الكلمات لخص وهبي سر تجاوز تلك اللحظات الحرجة.
لقد أثبت الأشبال أنهم يملكون شخصية قوية داخل المستطيل الأخضر، ونجحوا في تحويل القلق إلى طاقة إيجابية دفعتهم لتقديم مستويات راقية أمام أقوى المنافسين. وكانت تلك الروح الجماعية، مقرونة بالثقة المكتسبة من الجهاز الفني، هي ما جعل الفارق واضحا بين منتخب ينهار تحت الضغط، وآخر يصنع التاريخ في أحلك الظروف.حلم اللقب يلوح في الأفق
بابتسامة تنطق بالفخر، تحدث وهبي عن طموح اللاعبين الجامح للفوز بالبطولة، مشددا على أن الهدف واضح منذ البداية: اللقب ولا شيء غيره.
كما لم يخف إعجابه بأداء منتخبي المغرب وجنوب إفريقيا، معتبرا أنهما الأقوى حتى الآن في البطولة، سواء من حيث المستوى الجماعي أو النتائج، مما ينذر بمواجهة نارية في النهائي.
أسامة نبيه: الهزيمة لا تلغي الفخر... والتأهل لكأس العالم إنجاز يحسب للجيل الجديد
رغم مرارة الخروج من نصف نهائي كأس أمم إفريقيا تحت 20 سنة، فإن مدرب منتخب مصر للشباب، أسامة نبيه، اختار أن يظهر بحلة الكبار، متسلحا بروح رياضية نادرة في مثل هذه اللحظات، مؤكدا أن الهزيمة أمام منتخب مغربي منضبط ومتكامل لا تنقص شيئا من قيمة الأداء الذي قدمه لاعبو "الفراعنة الصغار".
وفي تصريحات إعلامية أعقبت المباراة، قال نبيه بكل فخر: "نجحنا في تجاوز منتخب قوي مثل غانا، وواجهنا المغرب بشرف وكبرياء. نعم، الإرهاق والإصابات كان لهما أثر كبير، لكنني فخور بأداء اللاعبين الذين قاتلوا حتى النهاية، وضمنوا بطاقة التأهل إلى كأس العالم القادمة".
مدرب منتخب مصر لم يخف أن الفريق عانى من ضغط المباريات، مما اضطره إلى اعتماد التدوير الإجباري في التشكيلة الأساسية، في محاولة لتقليل آثار الإجهاد وتعدد الإصابات. ورغم ذلك، شدد على أن جميع اللاعبين حصلوا على فرصتهم في تمثيل الوطن، وأثبتوا أنهم أهل للثقة في محافل كبرى.
لقد أشار نبيه إلى أن مواجهة منتخب مغربي منظم تكتيكيا ومتماسك بدنيا كانت تتطلب جاهزية بدنية عالية، وهو ما افتقده بعض عناصر المنتخب المصري في ظل غياب عدد من اللاعبين المؤثرين. ورغم ذلك، أكد أن ما تحقق حتى الآن يعد مكسبا كبيرا لهذا الجيل من اللاعبين، الذين ينتظرهم مستقبل واعد على المستويين القاري والعالمي.
أعين على الذهب.. وقلوب معلّقة بمونديال الشيلي 2025
بين طموح الحاضر وآفاق المستقبل، يترقب عشاق الكرة الإفريقية المواجهة النهائية المنتظرة بين منتخبي المغرب وجنوب إفريقيا في بطولة كأس أمم إفريقيا تحت 20 سنة، حيث لا تعتبر هذه المباراة مجرد صراع على لقب قاري، بل معركة كروية تحمل في طياتها شغف القارات، وسباقا على تمثيل إفريقيا بأفضل صورة في كأس العالم تحت 20 سنة – الشيلي 2025.
النهائي المنتظر سيكون بمثابة اختبار حقيقي لشخصية الأبطال، خاصة أن المنتخبين قدما مستويات استثنائية طوال مشوار البطولة، وأثبتا أنهما من أقوى الفرق على الساحة الإفريقية في فئتهما العمرية. فكل منهما لا يطمح فقط إلى رفع الكأس الإفريقية، بل يتطلع أيضا إلى فرض الهيبة والتفوق قبل خوض غمار التحدي الأكبر على الأراضي التشيلية.
وقد ضمنت أربعة منتخبات بالفعل التأهل إلى مونديال الشيلي، وهي: المغرب، مصر، نيجيريا، وجنوب إفريقيا، حيث ستمثل القارة الإفريقية في النسخة المرتقبة من البطولة العالمية، المقررة من 27 شتنبر إلى 19 أكتوبر 2025. وهي فرصة ذهبية لهؤلاء النجوم الصاعدين لاقتحام المشهد العالمي، والتألق في محفل دولي قد يكون بوابتهم إلى الاحتراف والشهرة.
ولم تعد هذه البطولة القارية مجرد محطة تنافسية عابرة، بل تحولت إلى منصة لصناعة جيل جديد من الأبطال، وإعداد لاعبين يمتلكون المهارة والانضباط والقدرة على تمثيل أوطانهم في المحافل الكبرى، وسط متابعة متزايدة من الكشافين والأندية الأوروبية والعالمية.